يركز الجزء الثاني على العواقب السلبية لخطاب “الحرب على الإرهاب”، ويضم الملخصات التنفيذية لأربع أوراق قام بكتابتها خبراء وباحثون من أربعة سياقات جيوسياسية مختلفة. فقد درس الباحثون الآثار العكسية المختلفة لخطاب “الحرب على الإرهاب”، خاصة فيما يتعلق بتقييد المشاركة السياسية السلمية وما يترتب على ذلك من عنف محتمل. كما درس الباحثون مدى إسهام تلك الممارسات في تعزيز صفوف الجماعات المتطرفة العنيفة بمتطوعين شباب من داخل المنطقة وخارجها. وأخيرًا قدم الباحثون توصيات تستهدف زيادة وعي صناع السياسات في الدول الإسلامية والغربية بهذا التأثير.
تتناول الحالة الأولى، والتي انجزها ماجد مندور، التأثيرات العكسية لخطاب “الحرب على الإرهاب” في مصر، مع التركيز على ديناميات النظام السياسي المصري وتأثيرها على صعود التطرف منذ انقلاب 2013. ويذهب الباحث إلى أن حالة القمع الجماعي في مصر قد خلقت بيئة سياسية لا تعوق التطور الديمقراطي في الدولة العربية الأكثر سكانًا فحسب، بل خلقت أيضًا بيئة تفضي إلى صعود جماعات عنيفة تقوم على أساس ديني.
أما الحالة الثانية، فتحلل عملية تقويض الدولة للدين في ظل سياق سلطوي، مع التركيز على الآثار العكسية لخطاب “الحرب على الإرهاب” في طاجيكستان. ويذهب الباحث، تيم إيبكينهانز، إلى أن إحكام قبضة سلطة الدولة على الإسلام والخطاب التقسيمي التي تتبناه الحكومة تجاه الراديكالية الإسلامية و”الإرهاب” لم يسهم في زيادة حدة الاستقطاب في المجتمع الطاجيكي فحسب، بل خلق ظروفًا تسهل انسياق الجيل الأصغر من الذكور من أبناء طاجيكستان إلى التطرف، مما من شأنه أن يُقوض الاستقرار الذي تدعي الحكومة أنها تضمنه.
وتشكل حالة تنزانيا موضوع الورقة الثالثة حيث يعرض المؤلف، أبو بكر كابوجي، لعواقب إعلان جماعة “أوامشو” (وهي جماعة إسلامية في زنجبار تتمتع بدعم شعبي قوي بين أبناء الجزيرة التي يشكل المسلمون أغلبية سكانها) جماعة إرهابية. ويرى الباحث إنه إذا ما وقعت مشكلة ما في زنجبار جراء هذا الإعلان، فستكون هناك معركة أيديولوجية طويلة الأمد في تلك المنطقة. فإن قمع المعارضين السياسيين ووصفهم بالجماعات الإرهابية من شأنه أن يُسهم بشكل أساسي في تجنيد العديد من المتطرفين الذين يتبنون العنف.
ويلقي الملخص الرابع، والذي أعده غاتا غالي نغوتا، الضوء على تداعيات خطاب “الحرب على الإرهاب” في تشاد بالإضافة إلى جهود الحكومة التشادية في التعامل مع الجوانب المختلفة للإرهاب وتعزيز وسائل المشاركة السياسية. وفي الفصل الأخير عن موريتانيا، يركز المؤلف، أحمد محمود دحان، على المقاربة الموريتانية لمحاربة التطرف العنيف، ويناقش مستقبل الجهود المبذولة لتعزيز محاربة التطرف العنيف في موريتانيا من خلال الترويج لثقافة السلام والاعتدال. من الأهمية بمكان إبراز بعض الأفكار الرئيسة التي طرحها جميع المؤلفين والمراجعين خلال إنجاز هذا العمل. ومن بين هذه الأفكار: الدور المحوري لمصر بالنسبة لسياسات المنطقة وأهمية معالجة الأزمة هناك، ودراسة عواقب خطاب “الحرب على الإرهاب” ومحاربة التطرف والحاجة إلى بدائل للديمقراطية التمثيلية في المنطقة، وكذلك عواقب “الحرب على الإرهاب” التي شنتها القوى العظمى بعد أيلول/سبتمبر 2001، أو ما أسماه أحد المشاركين “ايديولوجية الحرب على الإرهاب” وليس “خطاب الحرب على الإرهاب”. هذا فضلا عن صعود الأحزاب الشعبوية في أوروبا وتأثير ذلك على العلاقات الغربية الإسلامية، والحاجة إلى بحث الدور الذي تلعبه الجهات الإقليمية الفاعلة مثل الإمارات العربية المتحدة، وقضايا الشيشان، والأكراد وغيرهم، والتوترات السلفية والصوفية في تشاد، والتدخلات الأجنبية في منطقة الساحل، وقضية الطبقية في أفريقيا، وأخيرًا، ضرورة الحفاظ على الحوار مع جميع الأطراف الفاعلة والأحزاب للتخفيف من حدة التوترات والإبقاء على خطوط الاتصال والنشاط السياسي مفتوحة.