مقدمة موجزة ومدخل لفهم خلفيات المراجعات التي أطلقتها الجماعة الإسلامية في مصر ومآلاتها في ظل التطورات السياسية الحديثة
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر من العام 1981
وضمن استعراض عسكري للجيش المصري
يحضره الرئيس الأسبق محمد أنور السادات
ينطلق صوت المذيع “الآن تجيئ المدفعية” وسط تحليق طائرات الفانتوم
وتتقدم إحدى السيارات
حاملة مدفعا كوريا من عيار 130 وعددا من الجنود
هم من أعضاء
الجماعة الإسلامية في مصر
تتوقف السيارة بشكل مفاجئ ويترجل الجنود
مطلقين وابلا من الرصاص على منصة الرئيس
طلقات تودي بحياته وحياة عدد من الضباط المرافقين
وينجو محمد حسني مبارك الذي كان إلى يمين السادات
وتبدأ:
رحلة الصراع الدموي
بين الجماعة الإسلامية بمصر ونظام حسني مبارك
نشأت الجماعة الإسلامية في مصر من أروقة الجامعات بأوائل السبعينيات من القرن العشرين
تدعو إلى “الجهاد” لإقامة “الدولة الإسلامية” كما تراها
ثم الانطلاق لإعادة “الخلافة الإسلامية من جديد”
وذلك فعد الهزات العنيفة التي تلقتها جماعة الإخوان المسلمين
والتي لم تتبنَ العمل المسلح
والذي كان المحور الرئيسي الذي تدور عليه فلسفة الجماعة الإسلامية في مصر
مجزرة الأقصر والتمهيد للمراجعات
لم تتوقف الجماعة الإسلامية عند اغتيال السادات
فهاجمت العديد من المقار الأمنية
ونفذت عمليات استهداف للسياح الأجانب
راح ضحيتها العشرات من المدنيين
مما رفع وتيرة عمليات الملاحقة الأمنية
من قبل نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك
وكانت مذبحة الأقصر في السابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1997 والتي راح ضحيتها نحو 60 مدنيا معظم من السياح الأجانب
نقطة التحول الكبيرة
التي تسببت في تصاعد الحملة الأمنية تجاه أعضاء وقيادات الجماعة
وتسببت في الوقت ذاته في انقسامات كبيرة
بين صفوف قياداتها
بين مؤيد ومعارض لهذه العمليات
الأمر الذي مهد لإنتاج مراجعات فكرية من داخل السجون المصرية
المراجعات الفكرية
لجماعة الجهاد المصرية
مع اتساع دائرة الصدام بين الجماعة ونظام مبارك
ووصوله لنقطة دموية خطيرة
تهدد بالدخول في حرب أهلية غير محسوبة النتائج
كان القادة القدامى للتنظيم داخل السجون
يحاولون التوسط لوقف هذا المسار
واستدراك الخطر الداهم
دون أن يجدوا آذانا صاغية
ليقوموا من خلف القضبان ومن طرف واحد
في الخامس من تموز/ يوليو من العام ١٩٩٧
بإطلاق نداءهم الشهير
يطالبون فيه شباب الجماعة بوقف كل أشكال الصدام والتحريض عليه
والذي عد البيان الأول الذي دشن بعد ذلك ما سمي
ب
مراجعات الجماعة الإسلامية
كانت المراجعات عملاً إسلاميًا وواجبًا حيويًا
بحسب أصحابها
لاستكمال مسيرة المشروع الإسلامي
بكفاءة وفاعلية أكبر
وذلك في إطار سعيها لتأسيس رؤية إسلامية جديدة
للتعامل مع المستجدات الكبرى
وشملت المراجعات
قضية الغلو في الدين
باعتبارها المدخل الواسع لتقويض وسطية الإسلام
كما اهتمت بالتصدي لظاهرة التكفير
وأكدت على حرمة استهداف المدنيين من الأجانب وغيرهم
كما تعرضت المراجعات لحقوق أقباط مصر وفق التشريع الإسلامي
وأصدرت خلال ذلك العديد من الكتب والبيانات منها
حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين
واستراتيجية وتفجيرات القاعدة.. الأخطاء والأخطار
ورسالة بعنوان “لا للتفجير”.. وغيرها
نتائج المراجعات
نجحت الجماعة الإسلامية في السيطرة على كافة قواعدها التنظيمية
ووقف كل العمليات المسلحة
وعاد الأمن للشارع المصري والذي اُفتُقِدَ لفترات طويلة
وتم الإفراج عن الغالبية العظمي من كوادر الجماعة
والتي رسخت مُراجعاتُها مبادئ عدة أبرزها:
أن عمليات التغيير السياسي والاجتماعي من أعقد عمليات التغيير
وأن اختزال عمليات التغيير السياسي في مجرد القدرة على بناء تنظيم مسلح
أو القدرة على شن عدة عمليات ضد السلطات الفاسدة
سيعقد عملية التغيير
ويصب في مصلحة النُظُم الاستبدادية
فضلاً عن المخاطر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يُرتِبُها
وأن عمليات التغيير السياسي
لا تتم فجأة
وإنما تحتاج لفترات زمنية طويلة نسبيًا
مع دراسة علمية وعملية معمقة
وهو ما لا يدركه دعاة التغيير المسلح
وفي الوقت ذاته
مهدت تنظيرات الجماعة للحراك السلمي الذي شهدت مصر في العام 2011
وتمسكت الجماعة بمراجعاتها رغم التغيرات السياسية التي شهدتها مصر
حيث يراها أصحابها التزامًا دينيًا وأخلاقيًا تجاه المجتمع
بغض النظر عن سلوك السلطة
وأنت برأيك ؟
ما هو أثر مراجعات الجماعة المصرية على الواقع السياسي في مصر قبل انطلاق ثورة يناير
وما هو تأثيرها على فكر وتوجه الشباب الثائر الباحث عن الحرية في منطقتنا؟